ذا لاين" مدينة المستقبل التي ستغيّر وجه العالم
![]() |
مشروع the line neom |
في عمق الصحراء السعودية، وفي قلب منطقة نيوم شمال
غرب المملكة، وُلد حلم يُعيد تعريف مفهوم المدن والحياة
الحضرية: مشروع "ذا لاين". هذه المدينة الخيالية التي
تتحوّل تدريجيًا إلى واقع، ليست مجرد مشروع عمراني ضخم،
بل هي ثورة على الأسلوب التقليدي للحياة، وتقف شاهدًا على
طموحات المملكة في رؤية السعودية 2030.
فما هو مشروع ذا لاين؟ ولماذا يُعدّ واحدًا من أكثر المشاريع
جرأة في تاريخ البشرية؟ وهل سينجح فعلاً في تغيير مفهوم
المدن كما نعرفها؟ دعونا نأخذكم في جولة داخل هذا الحلم
المستقبلي الذي أصبح العالم يترقبه بشغف.
ما هو مشروع "ذا لاين"؟
"ذا لاين" هو مشروع مدينة ذكية بطول 170 كيلومترًا، تُبنى
على خط مستقيم يمتد بين الجبال والبحر الأحمر، وتُصمم
لتكون خالية من السيارات والشوارع والانبعاثات الكربونية.
يخطط لأن تضم هذه المدينة مليونَي نسمة عند اكتمالها،
وتوفر لهم كافة الخدمات على بُعد 5 دقائق مشيًا فقط من أماكن إقامتهم.
المدينة ستكون بعرض 200 متر فقط، ولكنها تمتد رأسيًا
بارتفاع يصل إلى 500 متر، ما يجعلها تبدو كـ"جدار زجاجي
عملاق" يعكس الصحراء والبيئة المحيطة. وتم تصميمها بحيث
تستخدم الذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، وأنظمة التنقل
الفائقة السرعة لتوفير حياة أكثر راحة واستدامة.
فكرة "الخط" بدلًا من الامتداد الأفقي
في المدن التقليدية، يضطر الناس إلى قضاء ساعات يوميًا في
التنقل من منازلهم إلى أعمالهم أو مراكز الخدمات. لكن "ذا
لاين" قلبت المعادلة، فجعلت المدينة على شكل خط واحد
مستقيم، تتركز فيه الحياة رأسياً، وتُوزّع الخدمات بشكل يجعلها قريبة من الجميع.
فبدلاً من الزحف العمراني الأفقي الواسع الذي يُتلف الطبيعة، تسعى "ذا لاين" إلى الحفاظ على 95% من البيئة الطبيعية
المحيطة. المدينة لا تعتمد على السيارات، بل على أنظمة تنقل عالية السرعة تُقلّص وقت السفر من طرف إلى آخر في أقل من 20 دقيقة.
تصميم ثوري يُحاكي الخيال العلمي
أول ما يلفت الانتباه في "ذا لاين" هو تصميمها الجريء. تخيل مدينة بواجهة زجاجية عملاقة تمتد إلى الأفق، تعكس الضوء
وتندمج مع الطبيعة، بينما تختبئ بداخلها مستويات متعددة
من المساكن، والمكاتب، والمساحات الخضراء، والخدمات.
المدينة تتكوّن من عدة "طبقات" رأسية:
طبقة للمشاة على الأرض.
- طبقة للخدمات مثل المدارس والمستشفيات.
- طبقة للنقل السريع تحت الأرض.
- طبقة للطاقة والبنية التحتية الذكية.
كل ذلك مصمم ليعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، حيث تُحلل البيانات بشكل دائم لتوفير خدمات مخصصة لكل ساكن.
حياة خالية من الانبعاثات والازدحام
من أكبر التحديات في المدن الحديثة: التلوث، والازدحام، وضياع الوقت في التنقل. وهنا تبرز "ذا لاين" كحل متكامل، فهي:
- تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة.
- تمنع دخول السيارات الخاصة.
- لا تحتوي على شوارع تقليدية.
- تتيح التنقل في دقائق قليلة.
تُدار بأنظمة ذكية تقلّل استهلاك الموارد.
وبالتالي، فالحياة فيها تُعدّ صحية، هادئة، وسهلة، ما يعزز رفاهية السكان ويُقلل من الضغط النفسي والجسدي.
مدينة للعلم والتكنولوجيا
من بين أهداف "ذا لاين" أن تُصبح منصة عالمية للابتكار، وموطنًا للمبدعين ورواد الأعمال. فمن المتوقع أن تضم:
مراكز أبحاث علمية متقدمة.
جامعات ومعاهد تعليمية ذكية.
شركات تقنية ناشئة ومكاتب عالمية.
أنظمة ذكاء صناعي تُساعد في اتخاذ القرار وتحسين جودة الحياة.
بهذا تكون "ذا لاين" ليس فقط مدينة للسكن، بل بيئة محفّزة للابتكار والتفوق العلمي.
المشروع ضمن رؤية السعودية 2030
"ذا لاين" هو أحد المشاريع الرئيسية ضمن رؤية السعودية 2030، التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف إلى:
تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.
جعل المملكة مركزًا عالميًا للابتكار والتكنولوجيا.
جذب الاستثمارات والسياحة العالمية.
تحسين جودة الحياة في المدن.
وقد أكد ولي العهد أن "ذا لاين" ليست مجرد مشروع تطوير
عمراني، بل ثورة حضارية جديدة، ستجعل المملكة رائدة في تقديم نموذج عالمي جديد للمدن المستدامة.
التحديات التي تواجه "ذا لاين"
رغم أن "ذا لاين" يبعث على الإعجاب، إلا أن المشروع يواجه عدة تحديات، أبرزها:
1. ضخامة التنفيذ: بناء مدينة بطول 170 كم وارتفاع 500 متر يتطلب تقنيات غير مسبوقة.
2. التمويل المستمر: رغم الدعم الحكومي، فإن حجم الإنفاق ضخم، ويحتاج إلى استثمارات دولية متواصلة.
3. التغيرات الاجتماعية: الانتقال إلى أسلوب حياة جديد كليًا قد يُواجه مقاومة أو تأقلمًا بطيئًا.
4. البيئة الصحراوية القاسية: رغم الاستدامة، إلا أن ظروف البيئة قد تفرض صعوبات في البناء والتشغيل
لكن مع التخطيط الدقيق، والدعم الكبير من الدولة، يبدو أن هذه التحديات تُقابل بإصرار لا يقل عنها.
أثر المشروع على المنطقة والعالم
إذا نجح مشروع "ذا لاين"، فسيُغير قواعد اللعبة بالكامل. إذ سيكون:
نموذجًا عالميًا للمدن المستقبلية.
مصدر إلهام للدول الأخرى لتبنّي مدن ذكية خالية من الانبعاثات.
محفزًا لتطوير تقنيات جديدة في البناء، والتنقل، وإدارة الموارد.
دافعًا للاقتصاد السعودي نحو التنويع والاكتفاء الذاتي.
كما يُتوقع أن يُعيد تعريف "المدينة" نفسها، فلم تعد مجرد
مكان للعيش، بل منصة ذكية تعيش معك وتفهم احتياجاتك.
هل "ذا لاين" هو المستقبل؟
بينما يشهد العالم أزمات بيئية، وتضخمًا سكانيًا، وتحديات
حضرية متزايدة، يبرز مشروع "ذا لاين" كحلم جريء قد يُغير
كل شيء. إنه ليس مجرد بناء أو مدينة، بل فكرة جديدة
للحياة: حياة أكثر توازنًا، ذكاءً، واستدامة.
بقلم فريق مجلة اهل كايرو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرًا لك على تعليقك يسعدنا تواصلك معنا.
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.